ديون السودان والركض خلف السراب

زمان كنا نجري خلف السراب في البوادي النوبية لساعات طوال وكنا نطلق على هذا السراب باللهجة النوبية ( كجدين أمنقة ) أي ماء الغزلان ... وها اليوم نركض وبنفس الوتيرة خلف وعود أمريكا وسرابها دون كلل ولا ملل ... قبل قليل قرأت خبر في إحدى الصحف اليومية بان خلف تعطيل قرار إعفاء ديون السودان بالبنك الدولي أمريكا وبعض الدول الغربية ولم أتعجب من هذا الخبر لأننا ركضنا كثيراً في صبانا خلف السراب فالسراب هو السراب مهما تغيرت المواقع والمضامين والصور فأمريكا وأعوانها من ملة الكفر والزبانية لن يرضوا عنا مهما ركضنا ليل نهار هكذا قال المولي عز وجل في محكم تنزيله ( لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم ) صدق الله العظيم ... ولطالما نعرف النتيجة مسبقاً لماذا نركض أذن ونهدر كثير وقتٍ ومال فوطننا أحوج لهذا الوقت والمال ولماذا نطرق أبواب مغلقة بإصرار لا احسب أن من بداخله مضياف ... الم يقل الرسول أن اليد العليا خير من اليد السفلى ولماذا الإصرار أذن ... الم يتفجر البترول بعزيمة الرجال ويوم أن اتجهنا شرقاً لجلب المعرفة والإعانة ... الم نجد أبواب الشرق مشرعة وبترحاب لا محدود دون قيدٍ ولا شرط إذن لماذا نتلفت كثيراً إلى الخلف ونتردد فأمريكا التي لم تستطيع فعل شيء والعالم من حولنا مجتمعة على قلب رجل واحد لإسقاطنا وإفشال مشروعنا الإسلامي أضعف من ذي قبل ... الم نكن محاصرين لسنوات عدة ولم نشعر يومها بأننا محاصرين ... الم نكن مطمئنين في حلنا وترحالنا ومن حولنا الأذناب يبولون في أفواههم من القيظ والحقد يومها كنا نؤمن بان لا نفع ولا ضر إلا لما كتبه الله لنا أوعلينا فاليوم نحن في حاجة مُلحَّة إلى مراجعة الذات ومراجعة النفس ومعرفة حجم صلتنا بالواحد الأحد ومن جعل العزة في غير الله أزله الله فانظر إلى اللا مبارك وبن على والقذافي والذين على نهجهم وأين موقعهم الآن ... فلن يصيبنا إلا ما كتب عند العزيز المقتدر فجزرة وعصى أمريكا ما إلا أضغاث أحلام وهمية فالقوة والمنّة لله وحده ...الكيس من صبر وعمل لما بعد الموت ... لم يصبر الشعب إلا لأننا كنا صادقين ولان قرارنا كان ملكاً خالصاً من منبع شورانا ولم يكن من تغول فرد بيننا أو مستورداً من الخارج ... فهل اليوم الأمر كذلك كما كنا بالأمس القريب ... سؤال يحتاج لإجابة ... نسال الله التوفيق والرشد إلى الصالح وهو خير الراشدين .